لا أدري متي وكيف اكتسبت خاصية شم رائحة الكذب الكريهة مهما بلغت كمية البهارات المقبلات ومكسبات الطعم
ومدخلي إلي شم رائحة الكذب يكون دائما من باب المبالغة والتهويل والتهوين من المتحدث ...
والتهويل والتهوين وجهان لعملة ( المبالغة )
فتهوين الهائل مبالغة وكذب وتهويل الهين مبالغة وكذب ....
وليس المعارضون وحدهم مبالغين وكذابين...
المؤيدون أيضا يبالغون ويكذبون ...
فإذا كانت المعارضة تهول فإن الموالاة تهون ...
والناس يتابعون إعلام المعارضة أكثر لا لأنه صادق و لكن لأنهم أميل الي تصديق الشر والفساد والخراب ...
و أشهر كتاب المقالات ونجوم الإعلام والفضائيات هم القادحون جدا.. والمادحون جدا..
والناس يتابعون الرادحين القادحين حبا ويتابعون المادحين المطبلين كراهية..
أه والله ( هي دي ثقافة ولاد بلدي زي ما أنا فاهمها ) اللي بيذم وينم يبقي كويس وعلشانه بيمدح وموالي يبقي وحش وكخة
فأحد الفريقين مشهور لانه محبوب والاخر مشهور لانه مكروه..
لكن الناس لا يبحثون عن الحقيقة في القدح ولا في المدح ...
وكل من يتحدث عن الانجاز في رأي العامة منافق حتي إذا كان (( صادقا )) ...
وكل من يتحدث عن الإخفاق والفشل في رأي العامة شجاع وبطل حتي إذا كان (( كاذبا )) .
وإذا أردت ان تتيقن من ضعف امة وإشرافها علي الانهيار فانظر الي المصريين
لتدرك ان الإنسان كلما عجز وضعف وصار قليل الحيلة اقبل أكثر علي سماع الشر والرذائل
وعلي سماع الكذب والسعي إلي من يقوله ...
و أبناء بلدي الآن شمسهم تغرب...
وصاروا مثل اليهود ولكن لا يشعرون..
أي أنهم تصهينوا بما يكفي ليصبحوا سماعين للكذب أكالين للسحت ...
ولتجدنهم احرص الناس علي حياة حتي إذا كانت ذليلة وضيعة ليس فيها شرف لكن فيها كثيرا من الترف والقرف والخرف.
والمصريين العجزة ( حرب ) علي بعضهم و ( سلام ) علي أعدائهم الآن في المقطم ..
( أعزة ) علي بعضهم ( أذلة ) علي أعدائهم..
ومخزون الشر والكذب الذي لديهم كبير جدا نتيجة للعجز وافتقاد القدرة علي الفعل ...
المصريون الآن في غاية الاستئساد والتنمر ضد بعضهم...
يعبث اليهود والصهاينة والأمريكان وأهل الغرب والشرق وعملائهم في الداخل في دواخلهم وما تحتها ولا يشعرون
وتراهم كالبراكين ضد بعضهم يلقون بالحمم الي أي مكان دون تمييز ..
والآن لم يعد ممكنا ان تصل أي رسالة شرف وخير و مبادئ وقيم إلي المصريين ...
فهم جادون جدا في اتهام بعضهم بالتآمر والإرهاب ...
الدولة المصرية تغلي من الداخل ...
والشعب يموت في اليوم الف مرة جوعا وذلا وهوانا ...
والنخب الحاكمة والمثقفة والمعارضة والموالية تولول وتنبح وتبرر وتبربر وتحلل وتخلل وتدعو الي العقلانية والواقعية ...
وصراعات المصريين صنعوها ووجدوها لتستمر لا ليحلوها ...
ومشاكل المصريين مع بعضهم خلقت لتبقي وتنمو لا لتتم تسويتها ...
وهناك نظرية يتم تطبيقها الآن بكل نجاح تقول ان ابتعاد المصريين عن بعضهم.. يمكن أعدائهم منهم ..
كلما تباعدوا عن بعضهم.. تقاربوا أكثر مع أعدائهم ...
لذلك لابد من وجود الدم بين الإخوان والتيارات الأخرى ليحدث التباعد بامتياز ...
وعندما يرخص الدم المصري علي المصري..
وعندما يصبح المصريون شيعاً وأحزاباً فسيكفي الله أعدائهم القتال ...
فالمصريين يقتلون بعضهم بالإنابة ويذبحون بعضهم بالوكالة في المقطم وقبله في الاتحادية وسيستمر ...
وعندما يصبح بين الإخوة دم يصير عدو هؤلاء الإخوة صديقاً ووسيطاً وحمامة سلام ومصدر السلاح....
ومع أني يا أصدقائي أعي أن رسالتي ستضل الطريق..
ولن تصل إلي ضحايا الحريق.. أو ستصل بعد خراب مالطة..
فلم يعد أمامي إلا الولولة....!!
ففي بلادي لم يعد هناك من فاعل
ولم يتبقي منها إلا المفعول به أو المفعول فيه
وهمزات الوصل لم تعد موجودة ولم نعد نري الا همزات الفصل
ولم تعد مصر جملة مفيدة عند الجانبين ..
ولكنها أصبحت جملة لا محل لا من الإعراب سوا أنها مجرورة بالكسر والقتل والخسف والعسف ...
واجتهدت لإعراب الإنسان المصري فوجدته مضاف إليه ميئوس منه بالسكون والرضوخ بلا فاعلية ...
وأقول لنفسي ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء..
عليك هدايتهم وارشادهم ( أه ) ولكن عليك هداهم ( لأ ) ..
فمن اهتدي فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يدل عليها..
عليك إرشادهم.. فإن أفاقوا فلهم افاقتهم وإن "ساقوا فيها" فلا يضرنك من ضل إذا اهتديت.
وأقول لنفسي لا تكن إمعة… فإن الناس في مصر لا يجتمعون إلا علي الباطل..
فلا تظن أن الإجماع يعني الحق في مصر..
بل هو يعني الباطل..
وإذا أصابك اليأس فاعلم انك لا تعرف سنة الله في خلقه…
وسنة الله يا نفسي منذ خلق الأرض ومن عليها هي أن الفساد في الكثرة والصلاح في القلة..
ولكن أكثر الناس لا يعلمون..
ولكن أكثر الناس لا يعقلون..
أكثرهم لا يفقهون..
وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين..
وما آمن معه إلا قليل..
فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم..
فشربوا منه إلا قليلا منهم..
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم كافرون..
هل تريدي يا نفسي أدلة أكثر سطوعاً وبراهين أكثر نصاعة علي أن الفساد في الكثير والصلاح في القليل؟..
يا نفسي تسلحي بالشك والريبة والحذر مما حولك لتنجو ..
يا نفسي كل ما تظنه مسلمات وبديهيات ليس سوي زيف وباطل ألحوا عليك بهما بالطبل والزمر والطنطنة ولحن القول..
أنت في مصر أحوج ما تكون إلي عقلك..
أحوج ما تكون إلي التأمل وإعادة النظر والغربلة والفرز..
أنت في بلد برعت في الكذب وأبدعت في السفسطة..
وصار لها السبق في خلط الأوراق والضحك علي العقول والذقون..
أمة أجادت تهميش الكوارث والقضايا الخطيرة ...
وتسويق السفاسف والتوافه وجعلها محور الاهتمام ووضعها في بؤرة الشعور...
أنت يا نفسي في أمة نجح مسئولوها عبر العصور في إلغاء عقولنا وقلوبنا...
و سجنوا كلاً منا في ذاته فلم يعد يري شيئاً خارجها..
ويقول بكل فخر واعتزاز: (( إن جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك ))
بالذمة ده اسمه كلام ...!!
فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله
حسبي الله ونعم الوكيل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق