الأحد، 10 مارس 2013


"المنهج النّقدي"



النّقدُ المنهجي هو النصيحة التى دعا إليها سيّد الخلق صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه البخاري عن تميم الداريّ: ((الدين النصيحة، )). 
ولمّا كانت النصيحة في معناها اللغوي رَتْقًا لفَتقِ، وَسَدًّا لِخَرْقٍ، وَدَرْءًا لعَيبٍ، وتَصفيةً لشوائب، كانت أيضاً في مَرماها الإسلامي قولًا ليّنًا، وعبارةً مُهَذَّبةً، وتلطُّفًا شفيفًا، مع ما تحمِلهُ مِن منهجيةٍ تَقي من التطفيف، حيث لا تقديسَ ولا تبخيس، بل وضعُ النّقطةِ على حَرفِها، وتسديد الرأي ليَصِلَ إلى الصواب. 
كذلكم فالمنهج النقدي يتجاوز الشخص، ويَحكُمُ على النَّصّ، رائدُهُ في ذلك التحليلُ الدقيق، والتمحيصُ الشامل، مِن هنا نقرأ قوله تعالى في الآية 36 من سورة الإسراء: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)). 
فجَديرٌ بمَن يتَصَدّى لِنَقدِ النّاس، أن يكون مُتَحَلّيًا بشروطٍ، أوّلها: (الموضوعية في البحث)، وثانيها: (التجرد في الحكم)، وثالثها: (اللباقة في الحديث)، ورابعها: (التهذيب في اللفظ)، وخامسها: (النأي عن العواطف). 
فما أجَلّ قولَه تعالى في الآية 53 من سورة الإسراء: ((وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)). 
ولذا؛ فحين يكون النقد على هذا النهج خاليًا مِما يَعيـبُهُ مِن عاطفةٍ تَجيش، أو لفظ يُسيء، فإنه يَسري لحظتئِذٍ في نفوس المنتَقَدين سائغا عَذبًا، فبهذا لو تحلى الناس بهذا المنهج حُسن تصرُّفٍ، ولباقةَ حديثٍ، ودقة تحليل، وموضوعية بحث، وتجرد حُكمٍ، لسَلَكوا صراطا سويا، وسبيلا مستقيما. 
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ). [يوسف:108] 
(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. [الملك:22]. 
وأمَلا مُرتقَبًا مِن حرائر ثورتنا، وأحرار شعبنا، أن يصطبغوا بهذا النهج القويم، والدرب المشرقة، رَصًّا للصّفّ، ودرءًا للشِّقاق، ووصولا للهدف في نصر مؤزر، ورايةٍ خفاقةٍ. 
سدد الله قصدَنا، وفرَّجَ كرَبَنا، ونَصَرَ ثورتنا، وَمَزّقَ عَدُوّنا إنّه سميعٌ مجيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق